روايات شيقهرواية خداع

رواية خداع الحلقه الرابعه

الحلقة الرابعة

بعد عقد القران بدأت سهام تخطط ليوم الزفاف الذى يحب أن يكون مفاجأة للجميع بمن فيهم ابنتها وزوجها فهى لن تسمح بعرقلة الزواج فى خطواته الأخيرة.

لازالت تتواجد أثناء مهاتفة سمير لها وتلقنه كل ما يقوله مسبقاً وهو يردد كل ما تلقنه إياه بلا تردد.
أصبح أمامها الآن صعوبة واحدة وهى إتمام الزواج شرعيا دون أن تكتشف عبير حالة سمير ، يجب أن تكون زوجته شرعا وقانونا حين تفعل فتعجز عن التراجع أو طلب الانفصال، هى تعلم المجتمع وتعلم أيضاً رفيقتها وزوجها لن يسمح أي منهم لعروس فور زفافها بالانفصال مهما كانت الأسباب، ستضطر لتقبل سمير وهى مع الوقت ستعلمها كيفية التعامل معه.

سمحت لعبير باختيار قاعة الزفاف وكل تفاصيله أيضاً فهى تريد أن تظهر سعادتها الحقيقية الكاملة بالزواج.

أخيرا وصلت لليوم الذى تنتظره بشغف ففى الغد سيتم الزواج لذا قررت أن الوقت مناسب لتعريفه على العالم الغامض الذى هو مقبل عليه ، دخلت لغرفة سمير الذى يشاهد التلفاز
_ بتعمل ايه يا سمير؟
_ بشوف سيمبا
_ انت عارف أن فرحك بكرة !
تساءلت ليصفق بحماس معبراً عن سعادته
_ ايوه هلبس البدلة واروح الفرح واخد العروسة بتاعتى
جلست بجواره تتساءل مرة أخرى رغم احاطتها بعدم فهمه لطبيعة السؤال
_ طيب عارف هتعمل ايه لما تروحوا؟
تابع بنفس الحماس
_ هننام ونلعب ونأكل وكل الحاجات
قدمت له ذاكرة ومضية وهى تعلم أنه يحسن استخدامها
_ بص يا حبيبي انت هتتفرج على الفيلم اللى على الفلاشة دى وبكرة أول ما تدخل الشقة انت وعبير تعمل زيه تمام من غير ما تتكلم معاها خالص ولا تديها فرصة تتكلم ماشى؟
نظر لكفها ليلتقطها ويدقق النظر إليها وهو يقلبها بين أنامله دون أن يعى ما تحاول إخباره به لتؤكد عليه مرة أخرى قبل أن تتركه لمشاهدة الفيلم .

………………………..

فى الصباح التالى وصلت سهام لمنزل ابنتها مبكراً معتمدة على عنصر المفاجأة، استقبلتها سمر بملامح ناعسة مصدومة
_ اهلا يا ماما نورتينا، انت كويسة؟ سمير بخير ؟
_ بخير يا سمر جوزك فين؟
اقترب حسن مغادرا غرفة النوم حيث كان يستعد للمغادرة
_ انا هنا يا حماتى نورتينا
_ انت كنت نازل؟
_ ايوه معاد شغلى
_ طيب انا جاية بنفسى اديكم الدعوة دى
التقطها حسن وهو يتساءل مبتسما
_ مين هيتجوز؟
صمت اعتراه مصحوباً بصدمة حين رأى اسم الزوج وتبدلت ملامحه ليحاول إخفاء انفعالاته
_ سمير ؟
انتفضت سمر ليتأكد أنها لا تعلم شيئا عن هذا الأمر
_ سمير مين؟
أجابت سهام وكأنه أمر طبيعي وبديهى لا يجب العجب منه
_ هيكون سمير مين اخوكى يا حبيبتي، مش فرحانة ولا إيه؟
_ فرحانة إيه يا ماما؟ سمير يتجوز ازاى يعنى؟ واللى هتجوزه عارفة حالته؟
تحكمت سهام فى الغضب الذى يعتريها لسماع هذه الجملة وحافظت على ابتسامتها وهى تستقيم واقفة
_ هى مالها حالته انت تقولى حالته وابوكى يقول حالته! انا ابنى زى الفل وزينة الشباب والليلة فرحه على عروسة تقول للقمر قوم وانا اقعد مطرحك عاوزة تيجى تنورينا مش عاوزة براحتك انا ماشية
_ استنى بس يا حماتى
لوحت بكفها وهى تصفع الباب لتنفس عن غضبها أثناء مغادرتها لينظر نحو زوجته لائما لكنها غاضبة بما يكفى للصراخ
_ عاوزنى اعمل ايه؟
_ نهدا شوية ونفهم الحكاية أصل جوازة زى دى مش هتكون طبيعية ابدا واكيد ليها صرفة يعنى لكن من غير ما نزعل مامتك ولا نبان في الصورة
_ يعنى إيه؟
_ يعنى الجوازة حتى لو تمت مش هتعمر يبقى لازم نكون قريبين منهم مامتك قاصدة طبعا أننا مانعرفش غير يوم الفرح مش عاوزة حد يبوظ الجوازة
_ يا حسن انت مش فاهم، سمير طفل في جسم راجل هيتعامل مع زوجة ازاى ؟
_ لا فاهم يا سمر علشان كده بقولك مش هتعمر ، ادخلى غيرى هدومك وانا هاخد إجازة النهاردة ونروح عند مامتك

لم يكن صعبا عليه أن يقنعها بالتواجد بالقرب ومرافقة أمها هذا اليوم فهو يريد أن يتأكد أن سمير سيظل وحيداً وأن زوجته ستكون مسئولة عنه في يوم ما وحينها سيكون هو الحاصد لكل هذه الأموال .

……………..

فور وصولها للمنزل اتصلت بزوجها هاتفياً رغم أنها تعلم بوجوده بعمله في هذا التوقيت إلا أنها تريد أن تنهى هذه المواجهة لتستعد للاحتفال بزواج وحيدها الذى تراه يستحق كل التجاوزات التى اقدمت عليها للوصول لسعادته، هى لن تتركه وحيدا في هذه الحياة، ستؤسس له أسرة ترعاه وتحافظ عليه دوماً، أسرة ستبدأ نواتها الاولى في التكون هذه الليلة
أجاب محمود بقلق عبرت عنه نبرة صوته متسائلا عن الخطب الذى دفعها للاتصال به في وقت عمله لكنها أجابته أن كل الأمور جيدة لتزداد دهشته ويتساءل
_ امال بتكلمينى دلوقتى ليه يا سهام ؟
_ ابدا بعرفك أن فرح سمير الليلة
_ سمير مين؟
مجرد نطقه هذا التساؤل أثار المزيد من غضبها الذى تكنه له هو وتحاول أن تتجاوزه دائما لتستمر الحياة القائمة بينهما رغم برودة تفاصيلها
_ انت تعرف كام سمير؟ سمير ابنك طبعا
_ ابنى؟؟ انت اتجننتي يا سهام؟ مش قولت لك ابنك مفيش واحدة تتحمل ظروفه
انفجرت حمم غضبها تعبر عن استعار قلبها منه وهى تصرخ
_ ما ياما ستات متحملة اوحش من كده، انا اهو متحملة اعيش ام واب وزوجة على الورق لحد سيادتك ما تحن عليا كل سنتين تلاتة وتقعد معايا بالكتير شهر، مش هو ده سمير اللى كنت عامله حجتك؟ زى ما فى ست تتحمل تعيش زوجة مع ايقاف التنفيذ العمر ده كله فى ست تتحمل وتقدر براءة واحد زى سمير كفاية أنه لا يعرف يكدب ولا ينافق ولا يغش ولا يأذى ، انا بعرفك أن الفرح الليلة لأنه ابنك مش علشان تقبل أو ترفض سمير انسان ومن حقه يعيش ويبقى فيه ناس بتحبه.
لم يؤثر غضبها عليه هذه المرة ولم يستسلم للصدمة بل واجهها بحدة
_ من حقه يبقى ليه ناس بتحبه بس قانونا ابنك فاقد الأهلية يا مدام!!
ضحكت متهكمة على جهله بأبسط أمور حياتهم كما يدعى وهى تتابع
_ مين قالك الكلام ده؟ علشان تعرف بس انك اسم في حياتنا ابنك ليه بطاقة شخصية وانا فضلت اجاهد لحد ما اخد بكالوريوس التجارة انا عملت ابنى وهفضل جمبه لاخر نفس فيا
وانهت الاتصال دون أن تنتظر إجابة منه ودون أن تعلم رد فعله تجاه كل الحقائق التي أخبرته بها وهى تشعر بإرتياح فقد صفعته بعدم وجوده بحياتها وحياة ابنه بلا شفقة.
اتجهت نحو المرآة تطالع صورتها التى لم تعد تتعرف عليها فعلياً، لقد مرت السنوات وتركت أثرا عظيما عليها .

غادرت غرفتها مرة أخرى نحو غرفة سمير لتتأكد أنه ينعم بنومه فتتركه مرة أخرى لتهاتف درية وتؤكد عليها أنها سترسل سيارة لتقل عبير إلى مركز التجميل الذى حجزته لها ولا تمانع مشاركة الفتيات على أن تتكفل بكافة المصروفات وتعلل عدم تواجدها بالتوجه لصحبة سمير من المطار .

………….

لم يمر الكثير من الوقت وكانت تجلس ببهو منزلها ترشف قهوتها حين دق جرس الباب لتعلم أن ابنتها اتبعت سبيل زوجها وتتأكد أنها قادمة للإعتذار، لقد تآمر الجميع ضد سمير وضدها وهى جيشا لا يستهان به.

دخلت سمر وحسن ليسرع نحوها مبديا دعمه
_ ماتزعليش يا طنط عمى كلمنا وأحنا جايين
نظرت نحوه بعدم اكتراث لما أخبرها به لتقترب سمر منها فتقبل رأسها
_ انا عارفة يا ماما انك تعبتى علشنا كتير وضحيتى كتير ، سامحيني انا بس اتفاجأت
أعادت الفنجان للطاولة وهى تنثر هدوء ظاهرى اتقنته بشدة
_ المهم عندى يا سمر سعادتكم انا مش هعيش لكم العمر كله وزى ما انت اخترتى الراجل اللى يريحك من حق اخوكى يكون معاه إنسانة تقدره وتعيش علشانه، اخوكى مش وحش يا سمر زى ما انتو فاهمين، لو كل الناس في طيبة سمير ماكانش حد تعب في حياته
نظر لها حسن وقد ظللت ملامحه ابتسامة غير مريحة فيبدو أنه وحماته يفهمان بعضهما جيداً.
_ امال فين العريس ؟
_ لسه نايم لسه بدرى مش هصحيه دلوقتى
إعلان صريح منها لمنعه الاقتراب من سمير ورفضها لمحاولته لكنه لن يستسلم بسهولة فالمال الذى سترثه زوجته يستحق أن يحارب لأجله
_ ومين عبير بقا يا طنط حد نعرفه؟
_ لا ماتعرفهاش ولا سمر تعرفها هى بنت واحدة صاحبتى من زمان وخلاص كتبنا الكتاب وكل حاجة جاهزة ماكنش في داعى تاخد إجازة من شغلك
_ ازاى يا طنط هو إحنا عندنا كام سمير؟ انا هكون جمبه النهاردة زى ضله مش هيحتاج حاجة خالص.

نادت سهام الخادمة وامرتها بتحضر الفطور لابنتها وزوجها وهى تفكر في حيلة للتخلص من هذا الفضولى وسرعان ما وجدت الطريقة السلسة التى طالما زللت لها الصعاب، أخرجت بطاقة الائتمان المصرفي وقدمتها لسمر بمودة ظاهرة
_ حبيبتي لما تفطرى انزلى هاتى فستان جديد للفرح وانت يا حسن هات بدلة جديدة دول هدية منى بمناسبة فرح سمير
_ يا ماما انا لسه عروسة وكل هدومى جديدة
_ معلش حبيبتي ماتكسفنيش عاوزاكى تجيبى احلى سواريه في البلد
التقط حسن البطاقة من بين أناملها ليدسها بجيبه فوراً
_ تعيشى وتجيبى يا حماتى عقبال ما تجيبى فى فرح ولاده
تعلم أنه سيحاول الحصول على مبلغ لا بأس به لكنه هو لا يعلم أنها قدمت له بطاقة لا تحوى سوى ما يكفى لشراء فستان ابنتها فقط وستتركه يتعامل مع هذه الصدمة أثناء جولة التسوق التى ستبعده عن منزلها لوقت كاف وحين يصدم بما فعلت سيطلب عونها بالطبع وهى حينها سترسل له ما تريد هى لا ما يريد هو عليه أن يتأكد أن الصورة تتغير وفقا لرغبتها هى مهما حاول لن يحصل إلا على ما تقدمه .

مر اليوم كما أرادت سهام تماما وأتت جولة سمر على اغلب النهار وحين العودة كان المصفف بحجرة سمير يعده للزفاف وقد أكدت عليه والدته ألا يتناول اي عقاقير يقدمها له حسن فهى لا تثق به بالمرة.

مع حلول المساء جلست عبير فى مركز التجميل وقد زادت هيئتها روعة ونطقت الفتنة عبر ملامحها الفاتنة، قلبها يدق بقوة فهى سترى سمير وجها لوجه لأول مرة حقا يبدو لها من خلال مكالماته ودودا ومن خلال ما يقدمه لها غاية في الكرم إلا أنها لازالت تخشى الزواج من رجل لم تعرفه حق المعرفة .

جلست بالقرب منها أمها تتطلع إليها بسعادة
_ والله صبرتى ونولتى يا عبير، مش هوصيكى سمير وحيد أمه عاوزة قبل ما إجازته تخلص تكونى حامل
_ وهو ده بمزاجى يا ماما؟
_ لا ياحبيبتي بس لو ماحصلش من اول شهر تشوفى دكتورة علطول انت شايفة سهام لو عليها تجيب لك حتة من السما شوفى بقا لو جبتى لها حفيد
تنهدت عبير تنفس عن مخاوفها التى تعيش معها منذ الخطبة
_ طيب يا ماما ربنا يصلح الحال المهم انت ادعى لى انا خايفة اوى مايطلعش زى ما انا فاكرة
تساءلت درية باستنكار وكأنها لا تهتم
_ انتو مش مخطوبين داخلين على تلت شهور وكنتوا بتكلموا بعض علطول؟ خلاص خايفة من إيه؟
_ يا ماما افهمينى انا خايفة مايكونش الإنسان نفسه يكون فى تصنع أو حاجة مااعرفهاش
اعترضت درية على ما تقوله ابنتها وكأنه أمر عارض لا يستحق التحاور بخصوصه
_ بقولك ايه بلاش دلع وكلام لا يودى ولا يجيب، سمير راجل ماكناش نحلم بيه امسكى فيه وشوفى طبعه وامشى عليه انا ما صدقت أننا اتنصفنا وعاوزة بقا لما تفوقى تشوفى عريس من عينته لأختك هى كمان مابقتش صغيرة دى أربعة وعشرين سنة

نظرت عبير إلى أمها وإلى تجاهلها مخاوفها وأفكارها بتعمد مؤلم لتشرد أفكارها بعيدا عنها وعن كل هذه الثرثرة التى لن تفيدها حالياً سوى بالمزيد من التخبط، مر الوقت سريعا وسرعان ما طلبت منها العاملة الاستعداد للمغادرة حسب تعليمات سهام.
زادت خفقات قلبها جنونا وهى تخشى أن تتقدم خطوة واحدة لكن دفعتها أمها برفق
_ يلا يا عروسة
وكللت الأجواء بزغاريد السعادة التى تعلن عن بداية الأفراح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى